العرب والعالم

مدنيون خرجوا من الغوطة الشرقية قلقون على مصير عائلاتهم

13 مارس 2018
13 مارس 2018

الدوير - (سوريا) -ريم حداد -

في مركز إيواء مؤقت قرب دمشق يتملك القلق مدنيين أخرجهم الجيش الحكومي السوري من بلدة مسرابا بعد سيطرته عليها، خشية على أفراد عائلاتهم الذين ما زالوا محاصرين داخل مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية، قرب دمشق.

وتعرب ريما الشيخ بزينة (40 عاما) بعدما خرجت مع زوجها وأربعة من أولادها عن حزنها لتركها ابنتها لمصيرها دون أن تعلم شيئا عنها.

وتقول لوكالة فرانس برس وهي ترتدي وشاحا ومعطفا أسود وتجلس على بساط في زاوية إحدى غرف مركز الإيواء، «لم أر ابنتي منذ شهر، تمنيت لو تأتي إلى هنا».

وتضيف بحسرة: «ذهبنا لتفقدها في القبو حيث كانت تقيم لكنها كانت قد غادرت مع زوجها. لم أتمكن من إحضارها معي أو وداعها. إنها حسرة بقلبي، ولكن ليس باليد حيلة».

وخصصت الحكومة السورية مركزا لإيواء المدنيين الذين يتم إخراجهم من الغوطة الشرقية في منطقة الدوير في ريف دمشق، وكان عبارة عن معسكر للتخييم يضم صالات رياضية قبل اندلاع النزاع قبل سبع سنوات. ووصلت منذ السبت إلى هذا المركز 17 عائلة مؤلفة من 76 شخصا، من نساء ورجال وأطفال، قدموا من بلدة مسرابا إثر سيطرة الجيش السوري عليها.

وخصصت غرفة لكل عائلة من إجمالي 82 غرفة معدة لاستقبال النازحين في ملعب رياضي مغلق، وتفصل بينها ألواح خشبية. وتم تزويد كل عائلة بفرش سوداء وبطانيات وأدوات مطبخ وصناديق تحوي مساعدات غذائية ومواد تنظيف تحمل شعار الهلال الأحمر السوري. كما تم تجهيز المركز بمرافق صحية مشتركة.

وبدأت القوات الحكومية في 18 فبراير حملة عسكرية على الغوطة الشرقية تخللتها غارات كثيفة وقصف مدفعي، وتبعها هجوم بري تم بموجبه فصل مناطق سيطرة المقاتلين إلى ثلاثة جيوب. في غرفة مجاورة تعبر رويدا عبد الرحيم (45 عاما) عن حيرتها وهي تمسح الدموع عن وجنتيها الشاحبتين فيما يتجول أبناؤها حولها. وتقول لفرانس برس «فرحة لخروجي وحزينة لأنني لا أستطيع التواصل مع ابنتي التي وضعت مولودها» حديثا.

وتروي «غادرت مع زوجها إلى دوما، وكنت أتمنى لو كانت معي لأرعاها أو أبقى بجانبها» بعدما خضعت لعملية ولادة قيصرية يوم بدء العملية العسكرية على الغوطة الشرقية. وتضيف رويدا: «لا أعرف عنها شيئا، وأشعر بالحزن لأنني لا أستطيع الاطمئنان عنها».

وتمكنت القوات الحكومية من استعادة نحو 60% من المنطقة التي كانت تحت سيطرة الفصائل المقاتلة منذ العام 2012. وتصلي ميساء عيون (32 عاما) لأمها وإخوتها الذين غادروا إلى جسرين وعربين، وهما بلدتان ما زالتا تحت سيطرة الفصائل المعارضة، متضرعة «الله يفرج عنهم». وتقول وهي ترفع عينيها إلى الأعلى «أدعو أن يحفظهم الله .. لا أريد شيئا إلا سلامتهم، الروح لا تُعوض». وتضيف وفي عينيها لمعة: إنها قد لا تصدق عينيها «لو رأيتهم في الدفعة المقبلة».

ومع تقدم المعارك، نزح المدنيون إلى بلدات أخرى داخل الغوطة الشرقية ومن بينهم عرفات فرحات الذي كان يقيم في قرية زبدين قبل أن ينزح إلى مسرابا.

ويتحدث عن معاناته خلال المعارك «عانينا الأمرين، كان أطفالي يأتون إلي ويقولون لي: بابا لا نريد أن نموت هنا». ويتابع الرجل الأربعيني بصوت متقطع «أحسست حينها بغصة كبيرة، وتمنيت الموت قبلهم في سبيل أن يعيشوا، لا أصدق أننا ما زلنا على قيد الحياة».

ويأمل هذا الرجل الذي عمل سابقا في البناء أن يتمكن من إيجاد عمل «لأشتري لهم كل ما يريدون الآن»، مضيفا بحسرة «لدي طفل لا يعرف الموزة أو التفاحة».

خارج المركز يركض أطفال بثيابهم الملونة ويلهون مع آخرين لجأوا إلى المركز منذ سنوات النزاع الأولى.

وينهمك متطوعون في الهلال الأحمر السوري في معاينة عدد من المرضى.

ورغم الأمان في المركز يعتصر الحزن قلب سعيد حسن يحيى (72 عاما)؛ لأنه لا يعرف شيئا عن عائلته الموجودة في مدينة دوما، أكبر مدن الغوطة الشرقية.

ويقول هذا المسن الذي يمتلك أرضا زراعية، وكان يرعى الأغنام «أتمنى العودة إلى عائلتي ورؤيتهم».

ولا يتمالك دموعه، ويقول بحرقة «بعدما أصبحت في هذا العمر، (هل يمكن أن) أعيش من دون أولادي؟ كل ما أتمناه هو أن أراهم، اشتقت إليهم كلهم». ويضيف «لا أريد من الدنيا أي شيء آخر».